.

.

ااخبار العالم الاسلامى

الأحد، 30 سبتمبر 2012

حبظلم فيها .. لأخفيها !!






فيها .. لأخفيها

بصوته الأجش الذى لا يناسب حداثة سنه صاح حبظلم بتلك العبارة ذات الوقع المألوف على الآذان 
وقع نذكره منذ أيام الصبا حين كنا نفاجأ بمثل هذا الغلام المتنمر - حبظلم - يقف في منتصف الملعب قاطعًا الطريق على باقي الصبية ، مانعًا إياهم عن متابعة اللعب، رافعًا صوته بهذا المبدأ الأناني السافر:
"فيها ... لأخفيها "

يا حبظلم يهديك ... يرضيك ،
لا فائدة.
لقد قرر حبظلم أن يلعب، ويفرض نفسه بصوته العالي، وربما بذراعه إذا لزم الأمر.
إنه نوع من الصبية لا يأبه أن يكون مظهره بما يفعل مُشيناً، كما لا يُعنى كثيرًا أن تكون كرامته بذلك مهدرة أو
مراقة بطريقة لا تزيد من حوله إلا ازدراءً له وربما شفقة على حاله.
ليس مهمًا أن تتردى مبادئه، أو تنحدر أخلاقياته، فحبظلم -غالبًا- لم يسمع في البيئة التي ترعرع فيها عن تلكم المصطلحات الغامضة:
مبادئ،
أخلاق،
قيم، تجرد،
تقديم للمصلحة العامة ...
ما هذا الكلام الغريب؟!
المهم فقط والذي يأبه له مثلُه أن ينفذ رغباته ويشبع شهواته ويرضي نزقه، وهو الآن يشتهى اللعب،
الآن وليس بعد قليل، فليتوقف العالم إذًاً، المهم أن يلعب، وليكن بعد ذلك ما يكون!
لكن المباراة قد بدأت بالفعل وقد حُدِدَت الفرق.
ألا تنتظر حتى تنتهي؟!
ألا تتمهل حتى يُعاد تقسيم الفرق؟!
هلّا جلست ترقب المباراة الحالية، أو تتجهز للمباراة القادمة، ربما يكون لك فيها مكان؟!
ألا تذكر رفضك لأن تكون حارسًا للمرمى حين عُرض عليك ذلك؟!
هل يعقل أن يهدم كل شىء و يبدأ اللعب من جديد لمجرد أنك فقط عجول و لا تحتمل الانتظار ؟؟
للأسف ... لا فائدة
مهما حاولتم إقناعه، أو تهدئته، ومخاطبة عقله؛ فإنه لا يستجيب
فِكر أناني، وعقلية لا تقبل التفاهم، ولا يحركها منطق، أو يؤثر فيها حوار
فقط شيء واحد يقودها ويوجه دَفتها:
المصلحة!
ومصلحته التي تبدو له الآن: أن يلعب.
إذًا سيلعب يعني سيلعب!!
والمبدأ واضح وقد أعلنه صاحبنا مرارًا و تكرارًا
"فيها .. لاخفيها"
فأنى يُستهدى بمنطق؟ وأنى يُجدِي حوار؟
العجيب أن هذا النوع من الصبية تجدهم منعدمي الروح الرياضية، غير متقبلين للهزيمة، وربما كان هذا هو السبب الذي أدى لعدم رغبة باقي الصبية مشاركته اللعب؛ إنهم يعرفون أنه لا يرضى لنفسه ما يرضاه لهم الآن، و العجيب أنه يعترف بذلك دون مسحة حياء أو خجل.
كيف لا ؟؟
إنه حبظلم !
لذلك فالصبية يدركون أنه لا يعي أن اللعب مكسب وخسارة، وأن المباريات سجال، يوم لك، ويوم عليك و أنه متى مُني بخسارة، أو حدث تبديل للفرق فإنه بمصطلحاتهم الصبيانية اللطيفة "يحمرَأ"، ولا يعترف أنه قد خسر، أو أنه قد آن أوان التأخر قليلا ريثما يلعب غيره.
يعرف أقرانه ذلك جيدًا ؛ لذا يأبون مشاركته اللعب بهذه الطريقة، وينفرون من أسلوبه المتدني، وهو يصر كل يوم على إثبات صحة رأيهم فيه. 
أما لو تجمع الفتية ورفضوا أن يدخلوه اللعبة بهذا الأسلوب؛ فإنه يرغي، ويزبد، ولا يلبث أن يأتي بباقي رفاقه المتنمرين الذين يتناسون فورًا كل ما بينهم وبينه من خلافات، وربما شجارات وعداءات، ويسارعون للتكالب على الصبية الذين دخلوا الملعب بالأساليب الطبيعية.

وبرغم غرابة اجتماع المتنمرين مع التنافر الواضح بين طباعهم، فإن تلك الغرابة تزول حينما تتذكر على ماذا اجتمعوا وما المساحة المشتركة التي التقوا فيها. 
لقد التقوا واجتمعوا على مواجهة الفتية الذين يشغلون الملعب، تلك المواجهة التي ربما تتطور في نهاية الأمر إلى معركة تؤول - عادة - إلى توقف اللعب، وضياع اليوم في النزال، و قد نفذ حبظلم وعدَه الأول:
"فيها .. لاخفيها"
ولو أن الفتى حبظلم سلك الطريق الطبيعي للعب، فصبر حتى قضيت المباراة الأولى، ثم جاء بفريقه يطلب النزال في مباراة جديدة تنتهي بمكسب أو خسارة؛ لكان ذلك بلا شك أولى و أكثر احتراما.
لكنه في النهاية ........... حبظلم !!

و كفى...

كتبه
دكتور محمد على يوسف


no image
  • Blogger Comments
  • Facebook Comments

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Top custom blogger templates قواالب بلوجر