.

.

ااخبار العالم الاسلامى

الجمعة، 30 أغسطس 2013

لعله خير

الدكتور محمد مرسي - الرئيس المصري المنتخب

بعد أن هدأت صدمة المؤيدين ونشوة المعارضين بما حدث من انقلاب عسكري وعزل للرئيس جاء الوقت ليفكر الجميع بهدوء وترو ليدرك المصدومون أن في المحنة منحة، ويستشعر المحزونون بالعطاء في الابتلاء. وأما سوى ذلك من السعداء ممن كانت كراهيتهم لحكم الإخوان قد تجاوزت المدى فهؤلاء عليهم أن يعيدوا النظر ويمعنوا التفكير بعد أن ينزعوا غشاوة الكراهية عن عيونهم  لكي تتضح الصورة ويدركوا حقيقة ما حدث. وأما من تبدلت سعادته شقاء، وانقلب حلمه إلى كابوس ممن كان يعارض بشرف وهداه اجتهاده إلى أن الخير لمصر هو في إسقاط الرئيس وحكم الإخوان، فأقول له: لم يفت الوقت بعد لمراجعة المواقف وتبديل الصفوف..
ولعله خير...
من كان يصدق أن تلك المحنة الشديدة التي مرت بها مصر ستكون سببا لتوحيد الفرقاء وإعادة اللحمة بين أبناء الأمة من  الشرفاء، بعد أن كانت جماعة الإخوان ومعها بعض التيارات الإسلامية قد ساهم الإعلام المضلل وأخطاء بالفعل ارتكبوها (أشرت إليها كثيرا في مقالات سابقة) إلى عزلة وابتعاد عن الصفوف.. فاجتمع الإخوان مرة أخرى مع كثير من معارضيهم الأحرار.. على هدف واحد وهو حماية الشرعية ورفض الإنقلاب.. فلعله خير.

نعم.. لعله خير؛ من كان يصدق أن تلك المحنة الكبيرة ستساهم في رفع شعبية الرئيس محمد مرسي بين أبناء الشعب المصري.. وهو الأمر الذي فشل فيه الرئيس ذاته.. بعد أن قدمت مافيا إعلام جوبلز صورة مشوهة ومضللة عن الرئيس، فأسقطت تلك المحنة الأكاذيب.. وتكشفت الحقائق.. واتضح التزييف والتضليل.. بل والأكثر من ذلك لقد ساهمت تلك المحنة في جعل (الرئيس محمد مرسي) زعيم أمة في نظر الملايين من أبناء وطننا العربي.. وقد رأينا المظاهرات المؤيدة له في أكثر من ثمان وعشرين دولة خلاف مصر,  وصورته التي أبى أن يضعها في المصالح الحكومية في مصر.. ارتفعت في أشهر عواصم العالم.. بل وازدانت بأن تسورت المسجد الأقصى وارتفعت فوق حوائطه.. أما عن حبسه الغادر وسجنه الظالم فأعلم أنها طعنة في قلب كل حر وشريف.. ولعلها تكون خيرا للرئيس ذاته؛ فهي فترة من الوقت يرتاح فيها من أعباء الرئاسة.. وفرصة للتفرغ لعبادة الله في شهر رمضان الكريم.. لن يقدرها ويسعد بها سوى الرئيس حافظ القرآن, فإن خرج من محبسه يعود رئيسا لمصر وقائدا للثورة,  وإذا -لا قدر الله- قتل فهو شهيد حي عند ربه في جنات النعيم بإذن الرحمن, و سيصبح أيقونة دائمة للثورة المصرية وملهما أبديا لها ورمزا غاليا للتضحية بالروح من أجل الحريات.. ففي كل خير.
ثم.. لعله خير.. فتلك المحنة العاصفة رأيناها وقد نزعت ورقة التوت عن كثير ممن يسمون خطأ بالنخبة ورموز معارضتنا الموتورة فانكشفت سوءاتهم وانفضحوا جميعا.. رأينا ليبرالية البرادعي التي دعته قبل ذلك لإدانة غلق قناة الفراعين بحكم محكمة ودفاعه عن حقوق البوذيين في إقامة معابدهم هي أيضا التي دعته لتبرير غلق سبع قنوات دينية واعتقال مذيعيها وتبرير اعتقال ما يقارب الستمائة قيادي  إخواني, وفهمنا ماذا كانت تعني الديمقراطية من وجهة نظره التي صدع بها رءوسنا في (تويتاته) والتي كان يقصد بها: إنك لكي تصل إلى الحكم في أي دولة (كما فعل هو)  .. ليس عليك دخول أي عملية انتخابية طوال حياتك أو الاحتكام للصندوق ولو لمرة واحدة.. لأنه يمكنك أن تصل إلى الحكم فوق دبابة عسكرية.. وفوق أشلاء الانتخابات وأنقاض الحريات..كما أن الشرعية التي أسقطها عن الرئيس مرسي بعد سقوط أول قتيل على يد وزارة الداخلية..لم تجعله يسقط شرعية الحاكم العسكري والحكومة الانقلابية بعد سقوط مئات القتلى وآلاف الجرحى.. في موقف غير أخلاقي وغير شريف من سيادته!!
بل ورأينا اشتراكية حمدين صباحي الذي حمل الرئيس مرسي من قبل دماء الصحفي الحسيني أبو ضيف، وجيكا والجندي وأسقط بها شرعيته، هي ذاتها التي جعلته يحمل دماء شهيدات المنصورة في مسيرتهن السلمية في رقاب قيادات جماعة الإخوان، وكل الدماء التي سالت في مذبحة النهضة والحرس الجمهوري والمنصورة لم تجعله يدين الحاكم في البلاد (قائد المجلس العسكري) ولو مرة واحدة، أو حكومة الانقلاب كما أنها لم تسقط شرعيتهم في نظره!! ومن كان يدعو للتظاهرات على حاكم منتخب شرعي طوال عام كامل ويبرر الاعتصامات أمام أبواب قصره وخلع بواباته الحديدية، وقطع الطرق وتعطيل القطارات رأيناه يدين تظاهرات مؤيدي الرئيس محمد مرسي السلمية واعتصامات معارضي الانقلاب!
فلولا تلك المحنة لما استطاع المصري البسيط أن يفهم الحقيقة وراء تلك المصطلحات عند هؤلاء.. إلا بعد أن ترجمت لأفعال مخزية وتناقضات مشينة.. فلعله خير.
ولقد رأينا في تلك المحنة: حزب النور السلفي الذي حرم قادته من قبل الخروج على مبارك كيف أنه يمكنهم التعاون مع الجيش والعلمانيين والليبراليين والكنيسة من أجل إسقاط الحاكم المنتخب والشرعي محمد مرسي بعد أن اتفقوا مع هؤلاء جميعا واختلفوا مع إخوانهم في جماعة الإخوان، بل والأدهى من ذلك رأيناهم وهم من حرموا من قبل تهنئة النصارى بأعيادهم وضعوا أيديهم في يد بابا الكنيسة لإسقاط الحاكم المسلم  المنتخب، فلولا تلك المحنة لظللنا نتصور أن حزب النور هو حزب وطني ذو مرجعية إسلامية وأن الشيخ ياسر برهامي مثلا هو شيخ سلفي يسير على منهج السلف ويقتدي بأخلاق الإسلام, فلعله خير.
كما أن تلك المحنة هي فرصة لجماعة الإخوان المسلمين لتتدارك أخطاءها السابقة وتراجع مواقفها التي جعلت كثيرين يبتعدون عن تأييدها في الفترة الأخيرة بل وجعلت كثيرين يناصبونها العداء، كما أنها فرصة أيضا للرئيس محمد مرسي ليتدارك الأخطاء التي وقعت فيها الرئاسة.. وأهمها: فشله في إقناع قطاع لا بأس به من الشعب بكونه رئيسا لكل المصريين، وكذلك المهادنة مع الفساد والمصالحة مع الفاسدين واتباع سياسة الاحتواء للذئاب والثعابين.. فلعله خير.
وأما من سيكتب التاريخ عنهم أنهم أكثر فصيل مصري قد أضرت به نكسة الثلاثين من يونيو وهم المصريون المعارضون الذين خرجوا ضد الرئيس محمد مرسي إما ضجرا من بعض أخطائه أو أوضاع صنعتها دولة مبارك لتكفير الناس بالديمقراطية أو تأثرا بحملات الإعلام المضللة والمزيفة..
فإنه لولا تلك المحنة لما انقشعت الفتنة وظهرت الحقيقة واكتشف هؤلاء أن العسكر قد خدعوهم وصعدوا على ظهورهم لاغتصاب حكم البلاد.. وقد رأينا الملايين في الشوارع متحدين على مطلب واحد: هو عودة الشرعية وسقوط الانقلاب.. وهؤلاء بالطبع ليسوا جميعهم من الإخوان ولم يكونوا جميعهم مؤيدين للرئيس.. بل خرج كثير منهم بعد أن أدركوا أن وطنهم قد سرق.. وشعروا بأن حرياتهم قد ضاعت.. فتوحدوا خلف راية الشرعية.. لإعادة الديمقراطية والحرية للبلاد.. فلعله خير.

بقلم
no image
  • Blogger Comments
  • Facebook Comments

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Top custom blogger templates قواالب بلوجر